ما بين إدارة الدولة ، ودولة الإدارة ...!!

ما بين إدارة الدولة ، ودولة الإدارة ...!!
تأخذ اللا إدارة الحكومية سياقا يبدو مغايرا للنمط الذي سارت عليه الدولة منذ عهد الإمارة لليوم ، وفي ظل تدحرج الأزمات الناتجة عن فشل البرامج والمشاريع ، والعجز الواضح والفاضح في مضاعفة الرواتب لا زيادتها فحسب ، نجد المفارقة
في الإفلاس الذي يحاصر الحكومة  ، يدفع باتجاه التعديل الحكومي ، لتزداد الضغوط على المواطن ، والمشكلة أننا
حين نطرح مثل هذا العنوان ، بهدف الإصلاح نجد أن مدعي الإدارة
ما زال الكثير منهم يروج لمصطلحات ، تنحو باتجاه ما نسميه ( وهم الإدارة ) لتبرير موقف أو سلوك أو تصريح ، وكأن المسوغات التي وفي كثير من تفاصيلها تبدو خارج السياق اصبحت هي الأصل ، وحقيقة الإدارة مجرد هامش يوظف وقت الحاجة الخطابية فقط ، أي إدارة تلك ؟!! وبالمناسبة لا يمكننا إنتظار ولادة الإداره لأنها لا تولد في أي مجتمع ، وإنما تصنع فيه صنعا ، وبحسب المراحل ، وما تقتضيه ،أما أن تسير الدولة وفق تقليد أعمى وتقليد لا إداري ضمن مسار يقتل الإبداع بطرق مباشرة وغير مباشر ، فهذا يعني ان تلك الدولة تضع أسس قدرها المحتوم ...!!
حقيقة تكاد تكون إدارة الدولة معدومة ، فكيف بدولة الإدارة ؟!! نطرح ذلك لنعيد ترميم وتموضع الإدارة داخل الدولة ، التي نطمح أن تصبح  - دولة الإدارة - محليا واقليميا ودوليا ، ولكن كيف ؟! ونحن لم ننفض الغبار عن مقدراتنا ومقومات وجودنا بسبب الإهمال تارة ، والإتكاء على إقتصاد المساعدات الخارجية تارة أخرى ، نقول ذلك و لا نسعى للتعرية بقدر البحث عن حلول إصلاحية دائمة وشاملة  ، ما يعني أننا لسنا بصدد تعريف الإدارة المؤقتة عندنا فقط واللا دائمة في عرفنا أيضا فقط  !!  أو الخطابية و واللا عملية ، لكونها لا تصلح إلا للتنظير ،
 ولكن ثمة إتفاقا على أن دولة بلا إدارة تودي بنفسها للتهلكة ، ولا بد من تشخيص الأسباب المانعة لتطبيق الإدارة ، ووضع حلول لهذه المسببات ،  ونأمل أن تكون حلول إبداعية وذات نتائج مباشرة ، وأن يكون التطبيق الفعلي لهذه النتائج بالمستوى المطلوب ، وفي هذا السياق لا بد من طرح السؤال التالي : هل تفاقم المشكلات المتعاقبة ، وصولا لما نعانيه الآن كافية لبحث موضوع إدارة الدولة ، ودولة الإدارة ؟!
وبعيدا عن التنظير هناك أنماط في الحكومات المتعاقبة يجب معالجتها قبل تفاقمها ، ووضع إستراتيجية وقائية تلبي الطموحات وتحقق النتائج ، ودعونا نتساءل : من أين نبدأ ؟! وللإجابة على هذا السؤال علينا ان نعترف جميعا ، ان الحكومات يندر أن تهيء الظروف المناسبة لطرح قضية بحجم إدارة الدولة ، لهذا يغيب الموضوع ولا تتشكل تبعا لذلك ظروفا مهيئة للتفاعل مع الإدارة التي لم تصبح لغاية الآن الأولوية في الدولة ، وإلا كيف تجد افعال الحكومات المتعاقبة تتأتى من خارج كتاب التكليف السامي ؟!! ولا تكاد تنسجم حتى مع عموميات التكليف ؟!! إنه التيه الإداري  ، المرتبط باللا فكر العشوائي ،  القائم على الفزعات الإعلامية المضللة ، والمقصي لكل من يحاول فتح هذا الباب ، ليبقى الشعور بالإحباط والتهميش الذي يؤدي إلى سلوكيات للأسف الشديد تستثمر بها حكوماتنا  ...!!
أعود وأتساءل تساؤل الغريب في طنه  : أي أسس ومعايير موضوعية في الإدارة والاقتصاد جعلت من سجن المواطن عملية بزنس ؟!!  أرجوكم لا بد من التوقف عند هذا التساؤل المؤلم حقا ...!! إنه الجنون يا ساده والانفلات القيمي والاخلاقي ، واللا إدارة في شتى المجالات المالية والاقتصادية ، الإدارية ، وخرق  للنظام والقانون ، وتشويه موصوف لشكل ومضمون الدولة ...!!
ما هذا ؟!!  لا بد من مفهوم جديد - للحرم الوطني للدولة والمواطن -  وهذا لا يكون أبدا  إدارة للدولة ، لماذا ؟! لضمانة حرم وحرمة المواطن - في الدولة التي من المفترض أن تكون مربيا ومعلما وأبا للمواطن ، ومنفتحة عليه كإنسان له كرامته ، لا كمجرم تتم مطاردته بسبب تعثر مالي توظف له أجهزة الدولة ، والمدين في الاصل ممنوع حبسه ، ماذا يحدث ؟! ولصالح من ؟! الناس اليوم ترتبط بمنظمات دولية ، وكل فرد يستطيع فعل ما لايخطر على قلبكم وبالقانون ، لكننا نعشق الأردن ارضا وشعبا ونظام ...!!
السلوك يا ساده ليس مولودا مع الإنسان ، بل هو مكتسب ، بالتالي يمكن التخلص منه أو تثبيته ، لهذا اطرح وبشدة إخضاع جميع أفراد الأجهزة في الدولة ممن يتعاملون بشكل مباشر مع المواطنين وبخاصة الأجهزة الأمنية ، ودور القضاء ، والحكام الإداريين ، إلى حضور دورات متقدمة بالسلوك المدني ، وكيفية التعامل مع المواطنين ، سيما وأن هناك علاقات وتفاعلات يومية مع المواطنين ، نقول ذلك قبل حدوث ما لا تحمد عقباه ، لأن السائد توتر أجتماعي عام منه الكامن والبارز ، ولا أحد يعلم كيف يتمظهر وروافده غاية في الخطورة : - فقر ، وبطالة ، وجوع ، وحرمان شامل ، وديون متراكمة ، وأمراض جسدية ونفسية مزمنة ، وكأننا نهيء الأرضية إلى فوضى عارمة تمتلك كل الدوافع والأسباب ، والسؤال الغاية في الأهمية : كل ذلك ضد من ؟!
ولمصلحة من يتم قطع التجاذبات في السياسة والاقتصاد والتعليم ، والثقافة ؟!! هذا التساؤل يتوالد من رحم اللا إدارة ، وينسحب ذلك السؤال على عموم المعطيات والعلاقات ، لماذا يراد لنا أن نكون متخلفين ؟! لسنا متخلفين ولن نكون ، وإلا ما تفسير حالة الاستلاب للوطن والمواطن ، وابتزاز النظام ، وما تفسير تعقيد الحلول للتحديات الراهنة ، وفي عموم المجالات ؟!! لهذا نصر على إعادة الهيكلة بمستوياتها المختلفة ..!!
هناك تصدعات في جسد الدولة وليس بمقدور أحد  تجاهلها ، وهذا يفرض هيكلة إضطرارية ، وربما قسرية في بعض جوانبها ، لأنه وفي ظل التغييب المتعمد للإدارة لا  يمكننا أن نتحدث عن فساد فقط ، وإنما عن حوامل للفساد وحواضن للإفساد ...!!
والمصاب الجلل أنه لا يكاد يخلو تصريح مسؤول بكافة السلطات من مصطلح - الفساد - في حين ان المجتمع الأردني وصل إلى حد القرف من هذه الكلمة المؤذيه لحاسة سمع المواطن ومشاعره ، وما زال أمام الفاسدين والمفسدين مرتع خصبا ، وحتى نكون منصفين علينا ان نعترف ان الراعي والممول للفساد هو : غياب الإدارة ،  ولكن كيف ؟! غياب الإدارة يتوالد عنه ما يسمى بالمحتكرين والمستفيدين من الاحتكار ، سيما وأن غياب الادارة أو تغيبها يعني ان الدولة لا تمتلك  إدارة رقابية قضائية وجزائية تحديدا ، حاسمة وجازمة ، فكيف تمتلك  الحكومة برنامج للقضاء على الفساد ؟!!  انه التسيير اليومي للدولة ، لهذا لا بد ان يكون لدى الدولة إستراتيجية واضحة وقوية وحازمة للقضاء على هذه الآفة ، ولكن كيف ؟! في ظل غياب الإدارة التي تقدم لنا الأسس والمبادئ العلمية والعملية لإستخدام الأنسب  في المؤسسات والموارد البشرية ، وتحقق التنمية الشاملة بأقل جهد وكلفة ممكنة ، ونصل حقيقة الإدارة بمفهومة الشامل والمتقدم ... !! خادم الإنسانية .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .
د. رعد مبيضين

Comments

Popular posts from this blog

Human awareness

المنطقة تحتاج إلى مشروع قائم على الإنسانية والأمن الإنساني...!!

إذا حذفتم الإنسانية الجميلة ، ماذا تضعون بدلاً عنها ؟!!